وضع داكن
29-11-2024
Logo
الخطبة : 0141 - الهجرة - هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة - الطبّ الوقائي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخطبة الأولى :
 الحمد لله ثمّ الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنّا لِنَهْتَدِيَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ، ولا اعتصامي ، ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقرارًا برُبوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا صلى الله عليه وسلّم رسول الله سيّد الخلق والبشر ما اتَّصَلَت عين بنظر ، وما سمعت أذنٌ بِخَبر .
 اللَّهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدّين ، اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزدْنا علمًا ، وأرنا الحقّ حقًّا وارزقنا اتّباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .

ذكرى الهجرة :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ نحن في مناسبةٍ إسلاميّة غاليَةٍ على قلب كلّ مسلم ، نحن في مناسبة الهجرة ، هجرة النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه الكرام من مكّة إلى المدينة .
 وقائع الهجرة ، أسباب الهجرة ، نتائج الهجرة ، ملابسات الهجرة .

حقائق مستنبطة من الهجرة :

 القصص التي تُروى في مناسبة الهجرة تعرفونها جميعًا ولكنّني أُريد أن أستنبط من الهجرة حقائق تُعين المسلم على تطبيق دينه في كلّ زمان ومكان .

الحقيقة الأولى : الأخذ بالأسباب .

 الحقيقة الأولى أنّ النبي عليه الصلاة والسلام وهو سيّد الخلق ، وحبيب الحق ، هو أولى الناس بالنَّصْر ، ما من مخلوق على وجه الأرض يستحقّ تأييد الله ونصْره والدّفاع عنه كرَسُول الله صلى الله عليه وسلّم ، ومع ذلك كيف هاجرَ ؟
 لقد اتَّخَذ الأسباب ، وبحث عن مكانٍ يستقرّ فيه حتى تخْمُد شدّة الطَّلَب عليه ، فاختار غر ثَور ، وسار بِطَريقٍ معاكسٍ لِطَريق المدينة ، سار مساحلاً ، اختارَ رجلاً يتقصّى له أخبار قريش ، وآخر يمحو بِغَنمه آثار أقدامه وصاحبه الصدّيق ، وخبيرًا للطريق ، ومن يأتيه بالزاد كلّ يوم ، سلكَ كلّ الأسباب التي تؤدّي إلى نجاته .
 ثمّ توكَّل على ربّ الأرباب ، توكّل على ربّ الأرباب بعد أن أخذ بالأسباب .
 هذا موقف نبيِّكُم عليه الصلاة والسلام ، أدبٌ جمّ مع خالق الكون ، تمثَّل هذا الأدَب باتِّباع سُنَنِهِ ، أما هذا الذي لا يتَّخِذُ الأسباب ، ويتوكَّل على الله عز وجل ، نقول له : كذبْتَ ، فليس هذا هو التوكُّل .
 أيّها الطالب اُدرس ، ولا تضيِّعْ دقيقة من عامك الدّراسي ، وبعدها توكَّل .
 وأيّها الطبيب ابْحَث ، وأغْنِ معلوماتك وبعد ذلك صف الدّواء ، وتوكّل على الله عز وجل .
 ويا أيها الزارع ألْق حبّة في الأرض ثمّ توكَّل على الله عز وجل .
 ما من إنسانٍ يُقبلُ توكُّله إلا إذا استنفذَ جهدَهُ في تأدية الأسباب ، هذا هو الدّين ، حينما فهِمَ المسلمون التوكّل ؛ ترْك الأخْذ بالأسباب ، والتمنّي على الله تعالى ، صاروا وراء الأمم ، وتخلّفوا ، غزاهم عدوّهم في عُقْر دارهم ، ولم تكن كلمتهم هي العليا ، لأنّهم تركوا الأخذ بالأسباب ، الطالب يجبُ أن يدرس وبعدها يتوكّل ، والتاجر يفكّر في الصّفقة المناسبة ، وفي رواجها ونوعها ، وسعرها ، وبعدها يعقد هذه الصّفقة ، وإلا تكون هذه الصّفقة سببًا في إتلافه الصانع يبحث عن السّلعة الرائجة يُتقنها ثمّ يتوكّل .
 النبي عليه الصلاة والسلام علَّمَنا في مناسبة الهجرة أنّ التوكُّل على الله سبحانه وتعالى لا يُعفي صاحبهُ من الأخذ بالأسباب ، فالدرس الأوّل أنّه لا بدّ من التوكّل مع الأخذ بالأسباب .
 التقى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجَماعةٍ تشكوه الفقر ، فقال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نحن المتوكّلون ، فقال : كذبتم ، المتوكِّل من ألقى حبّة في الأرض ، ثمّ توكّل على الله تعالى .

الحقيقة الثانية : الهجرة لها موقف عملي .

 شيءٌ آخر ؛ أنّ الهجرة موقفٌ عملي ، وليْسَت موقفًا نظريًّا ، الله سبحانه وتعالى يقول :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 72 ]

 أي ما لم يتَّخِذ المؤمن موقفًا عمليًّا ، فليس بِمُؤمن ، أن تقبلَ الإسلام شيءٌ بديهي ، والإسلام دينُ الله مَبنيّ على قواعد الحق ، وقواعد الخير والمنطق ، يلتقي مع العقل ، فإذا قبلْتهُ ماذا فعلتَ ؟ ماذا قدَّمْتَ إذا قبلتَ الإسلام ؟ ولكنّ الإيمان أن تقفَ موقفًا ، أن تدع شيئًا لله تعالى ، أن تُقبلَ على شيءٍ لله تعالى ، وأن تبتعِدَ عن شيءٍ لله تعالى ، وأن تأخذ بشيءٍ لله تعالى الإسلام مواقف ، أما إذا ظننْت الإسلام أفكار ، أو ثقافات ، أو معتقدات من دون أن تنعكسَ في الحياة ، على شكلِ مواقف ، فهذا فهمٌ سقيم أوْرثَنَا الضّياع والتردّد .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ قال تعالى :

﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 72 ]

 أي ما لم يتَّخِذ المؤمن موقفًا عمليًّا ، فليس بِمُؤمن ، لو أنّ طبيبًا وصف لك وصْفةً فشكَرْتَهُ عليها ، وأثْنَيت على علمه ، ولمْ تشتر هذه الوصفة ، فهذا أبشع أنواع التكذيب بعِلمه ، عدمُ اتّخاذك موقفًا من هذه الوصفة دليل تكذيبك لعِلمه ، ولو لم ينطق لسانك بالتكذيب ، ولو أنّه نطق بالحمد والثّناء والشّكر إن لم تأخذ موقفًا عمليًّا فلسْتَ مؤمنًا ، الإيمان ؛ ما وقر في القلب ، وأقرّ به اللّسان ، ليس الإيمان بالتمنّي ولا بالتحلّي ، ولكن ما وقر في القلب ، وأقرّ به اللّسان ، وصدّقه العمل .
 موقف المسلمين هو موقف الصّمت ، وهذا لا يفعل شيئًا ، ولا يغضّ بصرهُ عن محارم الله تعالى ، ولا ينتهي عن شيءٍ حرّمه الله تعالى ، يأكلُ مالاً حرامًا ، ويختلط مع نساءٍ لا تحلّ له ، يفعلُ ما شاء ، ويوم الجمعة يأتي إلى المسجد ، ماذا تفعلُ هنا ؟ ألا تستحي من الله عز وجل ؟ تعصيه طوال الأسبوع وتأتيه إلى بيته ؟!!
 أيها الأخ الكريم ؛ الإسلام مواقف ، فما لمْ تأتمر بأمْر الله تعالى ، وما لمْ تنته عمّا نهاك الله تعالى فلسْتَ بِمُؤمن ، الإمام عليّ كرَّم الله وجهه يقول : احْذَر أن يراك الله عند معصيته ! احْذَر أن يفتقدك الله عند طاعته فتكون من الخاسرين ، إذا قوَيْت فاقْوَ على طاعة الله ، وإذا ضعُفت ، فاضعُف عن معصية الله ، هذا هو العقل ، وأرجحكم عقلاً أشدّكم لله حبًّا .

الحقيقة الثالثة : باب الهجرة مفتوح إلى يوم القيامة .

 الاستنباط الثالث من الهجرة ؛ أنّ الهجرة ليْسَت محصورةً بين مكّة والمدينة فباب الهجرة من مكّة إلى المدينة قد أُغلقَ ، فلو أنّ أحدًا من سكّان مكّة الآن ركبَ سيارته ، واتَّجَه إلى المدينة هل يُسمّى مهاجرًا ؟ لا ، باب الهجرة من مكّة إلى المدينة قد أُغلقَ ، ولكنّ باب الهجرة مفتوحٌ إلى يوم القيامة بين مدينتين تُشبه إحداهما مكّة ، والثانية المدينة ، أيْ يجبُ أن يكون دينك أغلى شيءٍ في حياتك ، فإذا هُدِّدَ دينُكَ في بلدٍ ما ، إذا مُنِعْتَ من ممارسة شعائر الله تعالى فيجبُ أن تغادِرَ المدينة إلى مدينةٍ تقيم فيها شعائر الله تعالى ، باب الهجرة مفتوحٌ إلى يوم القيامة بين مدينتين تُشبه إحداهما مكّة .
 شيءٌ آخر ، أنّ هناك هجرةً معاكسة ، وهي أخطر أنواع الهجرة ، فأنت في بلدٍ طيّب ، تأتي المسجد ، وتسمعُ نداء الله تعالى ، تجلسُ في مجالس العلم ، وفي بلدٍ طيّب ، الشام صفوَةُ الله من أرضه ، وفيها صفوتهُ من عباده ، أنت في بلدٍ طيّب يُذكر الله فيه ، والمآذن تصدح بذِكْر الله تعالى والمساجد عامرةٌ بالمصلّين ، مجالسُ العلم ما أكثرها ، تترك هذا البلد إلى بلدٍ تمارسُ فيه الرذيلة على قارعة الطريق ! تأتي إلى بلدٍ الزنا أهْوَنُ شيءٍ فيه ، تأتي إلى بلدٍ تعيشُ فيه أشهرًا ، وسنين ، ولا تسمعُ كلمة الله ، هذه الهجرة المعاكسة في سبيل الشيطان ، ومن أجل المال ، ومن أجل اقتناء سيارة ، ومن أجل حاجةٍ دُنيويّة تنتهي بِزَوال الدنيا ، إذا كنت في بلدٍ طيّب تكثرُ فيه المساجد ، تحضرُ فيه مجالس العلم ، تستطيع أن تمارس شعائر الله عز وجل ، فإيّاك أن تدعهُ إلى بلدٍ ربّما طغَتْ عليك الدنيا ، من أقام مع المشركين فقد برئت منه ذمّة الله تعالى ، ومن هويَ الكفرة حُشِرَ معهم ، ولا ينفعهُ عملهُ شيئًا .

الحقيقة الرابعة : عبادةٌ في الهرج كَهِجرةٍ إليّ .

 الاستنباط الرابع من الهجرة ، أنّك إذا كنت في بلدٍ كثُرَت فيه الفِتَن ، فأنْ تعبد الله في هذا البلد وتستقيم على أمره ، هذه العبادة تُعدّ عند الله تعالى هجرةً تامَّةً إلى الله ورسوله ، قال عليه الصلاة والسلام : عبادةٌ في الهرج أيْ في الفِتَن ، أي إذا سرْت في الطريق فالنّساء كاسيات عاريات ، مائلاتٌ مميلات ، إذا دخلت إلى السوق ، فالربا ، والبيع بالتقسيط ، وجميع النواهي التي نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام ترتكب في الأسواق ، وحيثما التفتّ وجدْت المعصيَة ، والفتنة قائمةً ، عبادةٌ في الهرج كَهِجرةٍ إليّ .
 النبي عليه الصلاة والسلام رحمةً بأُمّته أعطى معنًى موسَّعًا للهجرة ، فقال عليه الصلاة والسلام : المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ، أيْ إذا ابتعدْتَ عن كلّ معصيَة نهاك الله عنها ، فأنت بهذا المعنى مُهاجرٌ ، أيْ هاجرْت إلى الله ورسوله ، إذا أويْتَ إلى مجلس علم ، والناس في النزهات ، إذا جلسْتَ مع أخٍ لك مؤمنٍ في سهرةٍ تتحدّث عن الله سبحانه وتعالى ، والناس وراء أجهزة اللّهو ، إذا كنت في بيتِ صديقٍ تذكّره ، والناس في الطرقات يملؤون عيونهم من الحرام ، إذا آثرْت طاعة الله على معصيته ، وبيته على بيوت اللّهو ، وذِكْره على ذِكْر الدرهم والدّينار ، فأنت مهاجر ، وهذا نوعٌ من أنواع الهجرة .
 يا أيها الأخ الكريم ، عبادةٌ في الهرج كَهِجرةٍ إليّ ، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه ، والنبي عليه الصلاة والسلام لا يثمّن الهجرة إلا بالنيّة الطيّبة .
 عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِي اللَّه عَنْه عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

(( إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))

[ رواه البخاري ]

الحقيقة الخامسة : الاستقامة .

 أيها الإخوة الأكارم ؛ استقامتك على أمْر الله في زمنٍ القابض فيه على دينه كالقابض على الجمْر .
 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ ))

[ رواه الترمذي ]

 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

(( وَدِدْتُ أَنِّي لَقِيتُ إِخْوَانِي قَالَ فَقَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ قَالَ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي ))

[ رواه أحمد ]

 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

(( بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ))

[ رواه مسلم ]

 لا يصلحُ آخر هذه الأمّة إلا بما صلح به أوّلها ؛ إيثارٌ ، تضحيَةٌ ، وحَزمٌ في الاستقامة ، ووقوفٌ عند حدود الله ، تمايُزٌ بين المؤمنين وغير المؤمنين كُنْ مع المؤمنين ، قال تعالى :

﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 28 ]

 قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾

[ سورة التوبة الآية : 119 ]

 قال تعالى :

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾

[ سورة المائدة الآية : 35 ]

 قال تعالى :

﴿ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً ﴾

[ سورة الكهف الآية : 16 ]

 إذا آوَيْتَ إلى بيت الله فكأنّما آويْتَ إلى الكهف ، آوَيت إلى بيتٍ تتنزّل فيه الرحمة ، إنّ بيوتي في الأرض المساجد ، وإنّ زوارها هم عمارُها فطُوبى لِعَبدٍ تطهَّر في بيته ثمّ زارني ، وحُقّ على المزور أن يُكرم الزائر .

 

حديث شريف يبدأ بـ : بئس العبد ........

 يا أيها الإخوة الأكارم ؛ النبي عليه الصلاة والسلام صاحبُ الهجرة ، والمهاجر الأوّل ، يقول :

(( بئس العبدُ عَبْد تَخيَّل واختال ، ونَسِيَ الكبيرَ المتعال ، بئس العبدُ عبد تَجَبَّرَ واعتدى ، ونَسيَ الجبَّار الأعلى ، بئس العبدُ عبد سها ولها ، ونَسيَ المقابر والبِلَى ، بئس العبدُ عبد عَتَا وطَغَى ، ونسَيَ المبتدأ والمنتهى ، بئس العبدُ عبد يَخْتِل الدِّين بالشهوات ، بئس العبدُ عبد طَمَع يقوده ، بئس العبدُ عبد هوى يُضلُّه ، بِئس العبد عبد رَغَب يُذِلُّه ))

[ أخرجه الترمذي ]

 هذا الحديث فيه حقائق كثيرة .
 وبئسَ العبد عبدٌ تخيَّل واختال ؛ لا يتكبّر إلا الأحمق ، والجاهل ، ولا يدخُل الجنّة من كان في قلبه مثقال ذرّة من كِبْر تخيَّل واختال ، ونسي الكبير المتعال ، نسي الله تعالى ، ونسيَ حسابه ونسيَ تأديبه ، ونسيَ بطشهُ ، ونسي عدالته ، وأنّه بالمرصاد ، وعلينا رقيبًا ، نسيَ قوله تعالى :

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[ سورة الزلزلة الآيات : 7 – 8 ]

 نسي قوله تعالى :

﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الحجر الآيات : 92 – 93 ]

 هذه الأقوال كلّها نسيَها ، ونسيَ قوله تعالى :

﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ﴾

[ سورة طه الآية : 124 ]

 نسيَ قوله تعالى :

﴿ أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ ﴾

[ سورة السجدة الآية : 18]

 ونسي قوله تعالى :

﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾

[ سورة الجاثية الآية : 21 ]

 نسي قوله تعالى :

﴿ أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ﴾

[ سورة القصص الآية : 61 ]

 بئسَ العبد عبدٌ تخيَّل واختال ، قد يختال إنسان على الناس ، وهو من أوْضع الناس ، قد يختال عليهم جاهل ، وقد يختال عليهم فقير ، ليسَ الاختيال موقفٌ على الأغنياء ، فقد يختال الفقير ، والجاهل ، والجاحد ، بئسَ العبد عبدٌ تخيَّل واختال ونسي الكبير المتعال ، بئسَ العبد عبدٌ تخيَّل واختال ، ونسِيَ الكبير المتعال وبئسَ عبدٌ تجبَّر واعتدى ، ونسيَ الجبّار الأعلى ، بئسَ العبد عبدٌ سها ولهى وكأنّه لا يموت ، كأنّ هذا الذي مات مسكين ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطّانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنتّخذ حذرنا .
 يا أيها الإخوة الأكارم ؛ لابدّ من يومٍ اقْتربَ أو ابتعَدَ من أن يستيقظ الناس ، ويقرؤون على الطريق اسم كلٍّ منّا في النَّعْوَة ، لا بدّ أن يقرأ الناس : إنا لله وإنا إليه راجعون ، آل فلان وآل فلان ، وعمّه وابن أخيه ، وابن أُسرته ، ينعون إليكم بمزيد اللّوعة والأسى فقيدهم الغالي فلان ، هذه اكتبها منذ الآن ؛ لأنّه لابدّ منها ، بئسَ العبد عبدٌ سها ولهى ونسيَ المقابر والبلى نسي هذه الحفرة ، سيُحاسبُ فيها المرء على كلّ شيء ، عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبْق لك إلا أن وأنا الحي الذي لا يموت ، نسيَ هذه اللّحظة ، لذا كان بعض العارفين بالله قد اشترى قبرًا ، وأبقاهُ مفتوحًا ، وكان كلّ خميس يتوجّه إليه وينزل فيه ، ويتمدّد على أرضه ، هذا المكان ، ,هذا المثوى الأخير ، ويتلو قوله تعالى :

﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ﴾

[ سورة المؤمنون الآيات : 99 – 100 ]

 فيقول قومي يا نفس فقد أرجعناك ‍! بئس العبد عبدٌ عتا وطغى ونسي المبتدى والمنتهى ، المبتدى نطفة ، والمنتهى جيفة ، خرج من عورةٍ ، ودخل في عورة ، ثمّ خرج إلى القبر ، هذا هو المبتدى والمنتهى ، وبئسَ العبد عبدٌ يختلُ الدنيا بالدّين ، إذا تضرَّر من قضيّة وجَّه الموضوع توجيهًا دينيًّا ، ويقول : أهذا يجوز ؟ أهكذا يفعل المسلم ؟ يحتجّ بالدّين إذا أُصيبَتْ مصالحهُ بِضَرر ، فإذا طغى وبغى وأكل ما ليس له ، يبقى ساكتًا ، حينما يحتاج إلى الدّين يتكلّم باسمه ، عندما تهدّد مصالحهُ يتكلّم بالدِّين ، وبالفقه ، فإذا ارتكبَ الكبائر يبقى ساكتًا ، وبئسَ العبد عبدٌ يختل الدّين بالشبهات ، يتصيَّد الشبهات ، هذه فيها فتوى ، وهذه العالم الفلاني أفتى بها ، والله سبحانه وتعالى جعل لك مفتيًا معك ، اسْتفتِ قلبك وإن أفتاك المفتون وأفْتَوْك ، وبئسَ العبد عبدٌ طمعٌ يقودهُ ، وهوًى يضلّه ، ورغبٌ يذلّه .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ أحيانًا يتعلّم الإنسانُ علمًا ، ويظنّ نفسهُ عالمًا ، وهذا العلم قد لا ينفعه يوم القيامة ، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال : اللهمّ إنّي أعوذ بك من علمٍ لا ينفع ، ودخل النبي عليه الصلاة والسلام على بعض أصحابه فرآهم متحلّقين حول رجلٍ فقال لهم : من هذا ؟ فقالوا : نسّابة ؟ فقال : وما نسّابة ؟ قالوا : يعرفُ أنساب العرب ، فقال عليه الصلاة والسلام : ذلك علمٌ لا ينفع من تعلّمه ، ولا يضرّ من جهل به .
 تروي الكتب أنّ نحْوِيًّا جلس في مجلس عالمٍ ، فلحنَ هذا العالم ، أي حرَّف حركةً خطأً ، رفع ما حقّه النصّب أو العكس ، فقال هذا النحويّ : أخطأْتَ في هذه الكلمة ! فقال له الواعظ : أيُّها المعرضُ في أقواله ، اللاحِنُ في أفعاله ، أكُلُّ هذا لأنِّي رفعْتُ ، ونصبتُ ، وخفضْتُ ، وجزَمْتُ ؟!! هلاّ رفعْتَ إلى الله يديك بالدّعاء ، هلاّ نصَبْتَ بين يديك ذِكْر الممات ، هلاّ خفضْت نفسك عن الشّهوات ، هلاّ جزمتها على فعل المحرّمات ، أفلا تعلم أنّه لا يُقال للمسيء يوم القيامة : لمَ لمْ تكن فصيحًا ؟ ولكن يُقال له : لِمَ كنتَ عاصيًا مذنبًا ؟ ولو كان الأمر بالفصاحة لجعل الله تعالى الرّسالة في هارون ، ولم يجعلها في موسى ، قال تعالى :

﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ﴾

[ سورة القصص الآية : 34 ]

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أنّ ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطّى غيرنا إلينا فلْنَتَّخِذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتْبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني .

والحمد لله رب العالمين
***

الخطبة الثانية :

 الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وليّ الصالحين ، وأشهد أنّ سيّدنا محمَّدًا عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين .

الطب الوقائي :

 أيها الإخوة المؤمنون ؛ الطبّ الوقائي طبّ جاء به الإسلام قبل ألفٍ وأربع مئة عام ، الدِّين الإسلامي في أساسه يقول على الطبّ الوقائي ، فبعض وسائل الطبّ الوقائي حظّنا النبي عليها ، قال : ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بطنه ، وبِحَسب ابن آدم لُقيماتٍ يقمْن صلبه ، وبعض وسائل الطبّ الوقائي دمَجَها الله سبحانه وتعالى بالعبادات ، فجعل الوُضوء شرطًا للصلاة ، وجعل الغسْل شرطًا للصلاة ، وبعض وسائل الطبّ الوقائي كانت هي العبادة أي العبادة طبّ وقائي ، من هذه العبادات التي هي عَيْنُ الطبّ الوقائي الصّلاة ؛ تنوُّع الحركات ، والقيام والرّكوع ، والسّجود والاعتدال ، والقيام من الرّكوع ، ومن السّجود ، هذه الحركات هي حركات نموذجيّة ، تتَّفقُ مع أحدث نظريّة في التمرينات السويديّة التي أقرَّها مجموعةٌ من علماء هذه التربية .
 شيءٌ آخر وهو أنّ علماء التربية الرياضيّة يقولون : خيرُ التمرينات ما كانتْ يوميّة ، وما كانتْ متكرّرة ، وما كنت موزَّعةً على أوقات اليوم ، وما كانتْ غير مجهدةٍ ، أربعُ شروط ، خيرُ التمرينات ما كانت يوميّة ، ومتكرّرة ، وموزَّعةً على أوقات اليوم غير مجهدة ، وهذه الشروط كلّها تتوافر في الصّلاة ، وخيرُ التمرينات هي التمرينات التي يستطيع كلّ إنسانٍ أن يؤدِّيَها ، صغيرًا كان أو كبيرًا ، صحيحًا كان أو سقيمًا ، مقيمًا كان أو مسافرًا ، غنيًّا كان أو فقيرًا ، خيرُ التمرينات التي يؤدّيها كلّ إنسان ، أبرزُ ما في الصّلاة أنّ العلماء يقولون : إنّ أكبر الأمراض العصبيّة ، وإنّ أكثر أمراض الأوعية الدّماغيّة سببها اضطراب تروية الدم للمخّ ، ماذا يفعل السجود ؟ قال : إذا سجَدَ الإنسان يتَّجِهُ الدّم بِفِعل الجاذبيّة إلى رأسه تحتقن الشرايين ، فإذا رفع رأسه ينخفضُ الضّغط فجأةً من احتقانها ، أي ارتفاع الضّغط ، ومن انخفاضه ، تكتسبُ هذه الشرايين ، ولا سيّما شرايين المخّ مرونةً عجيبة ، وتقوى جذورها ، وعضلاتها .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ في الركعة الواحدة تخفض رأسك ، وترفعه ستّ مرات ، وفي اليوم الفروض مع السُّنَن ، بمجموع مئتين وستّ عشرة مرّة وفي الشّهر ستّة آلاف ، وأربعُ مئة وثمانين مرّة ، تخفض وترفع ، هذا يكفي لِوِقاية الإنسان من أمراض شرايين المخّ ، ومن الجلطة في المخّ ، ومن انفجار أوعية المخّ ، أحيانًا تقيس الضّغط ؛ ثلاثًا وعشرين في الشخص السليم ، وإنسانٌ آخر على العشرين يُصاب بانفجار شريان بالدّماغ ويموت فجأةً ، لماذا انفجر الشريان هذا فمات من توِّه ؟ وذاك لم ينفجر ؟ لأنّ هذا الشريان مرِن بِفِعل الصلاة ، أما هذا الشريان فليس فيه مرونة ، ومتصلّب ، فلمّا جاءهُ الضّغط انفجر .
 أيها الإخوة المؤمنون ؛ العلماء يقولون تزداد مرونة الشرايين وتتقوّى جذورها وعضلاتها بالسّجود .
 وشيءٌ آخر أنّ أحد أسباب الشقيقة ضَعفُ الترْوِيَة ، وفي السّجود تمتلئ الشرايين بالدمّ ، الصلاة تحرّك جميع العضلات القابضة ، والباسطة ، الصلاة تحرِّك المفاصل كلّها حتى المفاصل الفقريّة ، أمراضٌ كثيرة ليس أقلّها الدِّيسك ، هذا الرّكوع والسّجود مرونة فائقة للعمود الفقري .
 شيءٌ آخر أنّ الحركات الرياضية التي نؤدِّيها على شكل صلاة إنّما تنشِّط القلب ، والدورَةَ الدمويّة ، وتوسّع الشرايين ، وتقيها التصلُّب .
 شيءٌ آخر أنّ الصلاة تحسِّنُ وظائف الدّماغ ، وتروّض الإنسان على التَّأقلُم مع العمليات الفجائيّة ، في عضلات المصلّي مرونة ، فلو التفت فجأةً لا يُصاب بِشَيء ، لأنّ هناك بعض أمراض الدّيسك تتأتّى من حركة فجائيّة فحركات الصلاة تُكسبُ الإنسان مرونة ، هذا عن فوائد الصلاة الماديّة ، أما عن فوائدها الروحيّة فحدِّث عنها ولا حرج .

الدعاء :

 اللهمّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيْت ، وتولَّنا فيمن تولّيْت ، وبارك اللّهم لنا فيما أعْطيت ، وقنا واصْرف عنَّا شرّ ما قضَيْت فإنَّك تقضي ولا يُقضى عليك ، إنَّه لا يذلّ من واليْت ، ولا يعزّ من عادَيْت ، تباركْت ربّنا وتعاليْت ، ولك الحمد على ما قضيْت نستغفرك اللهمّ ونتوب إليك ، اللهمّ هب لنا عملاً صالحًا يقرّبنا إليك ، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنّا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارضَ عنَّا ، وأصْلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصْلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصْلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، واجْعل الحياة زادًا لنا من كلّ خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كلّ شرّ ، مولانا ربّ العالمين ، اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تنسنا ذكرك ، يا رب العالمين ، اللهمّ إنَّا نعوذ بك من عُضال الداء ومن شماتة العداء ، ومن السَّلْب بعد العطاء ، يا أكرم الأكرمين ، نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الذلّ إلا لك ، ومن الفقر إلا إليك ، اللهمّ بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحقّ والدِّين وانصر الإسلام وأعزّ المسلمين ، وخُذ بيَدِ وُلاتهم إلى ما تحبّ وترضى إنَّه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

نص الزوار

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور